من بين صانعى السيارات ، دائما ما تجد بعض العلامات التجارية التى تعدت حدود العالم التجارى والقدرة الصناعية لتصل إلى ما أشبه بكيان روحى يرتبط بشكل وثيق بعشاق السيارات من كافة أنحاء العالم ، وبقدر قوة هذا الكيان على إزاحة المنافسين وتحقيق الأرباح التجارية ، تأتى الرياح عادة بما لا يشتهى ليعيد وجه العالم التجارى القبيح المخططات إلى الأدراج سريعاً ويعلن انتهاء هذا الكيان .
وفى كثير من الحالات ، ولحسن الحظ ، وبدافع تجارى بحت يتقدم الكثير من المنافسين بيد العون إلى هذا الكيان للعودة من جديد بفكر تجارى مختلف قادر على مواجهة التيار ، وهو ما يتعارض عادة مع تلك الروح التى جعلت هذا الكيان مميز فى الأساس ، فما بين رغبة المالك الجديد فى استرداد أمواله التى تكبدها فى صفقة شراء هذا الكيان المفلس وما بين المحاولات المستميتة من القائمين على العلامة التجارية المنهارة للحفاظ على هويتهم ، ينتهى الأمر إما بالاتفاق على خطة ترضى الطرفين أو العودة إلى نقطة البداية بتنازل اى من الطرفين عن مخططه الخاص .
وفى حالة مينى البريطانية ، فقد عملت مجموعة BMW على إعادة إحياء العلامة الشهيرة والتى انتظرها العالم كله بحذر ، حيث أرادت BMW أن تضع كل ما لديها من خبرات هندسية وتقنيات حديثة وموارد ثمينة لتضمن خروج جيل جديد لا يقبل المنافسة من سيارات مينى ، دون أن تغير فى ملامح الشركة ودون أن تقتل روح مينى الكلاسيكية داخل عشاقها .
وعلى الرغم من تعجب الكثيرون ببقاء مينى بما حققته من نجاح كبير حبيسة الطراز الوحيد كوبر ، إلا أن الأمر قد اتضح سريعاً بنية BMW تطبيق مخططاتها السرية التى احتفظت بها طى الكتمان طوال سنوات إعادة إحياء مينى ، حيث قررت الشركة أن توسع من آفاق مينى لتبدأ رحلتها الخاصة فى فئات السيارات بحثاً عن مينى جديدة بقواعد تختلف عن التى اعتادت عليها مع بقاء الكلاسيكية ، وهو ما وصل بالشركة إلى عالم الكروس اوفر حيث المغامرة بنكهة جديدة لم تعتاد عليها مينى يوماً .
مينى كما لم تعتاد
وضعت شخصية مينى حدوداً واضحة للشركة وخططها المستقبلية ، فكونها " مينى " وشهرتها التى استمدتها من السيارة الأصلية جعلت كل ما هو متوقع من مينى ينحصر فى فئة صغيرة على الشركة أن تبدع فيها كما شاءت دون أن تجد متسعاً من التنوع يمكنها من استغلال مواردها أو نجاحها الكبير فيه .
وبقدر ما تبدو شخصية مينى كعائق كبير للنجاح ، إلا أن تلك الشخصية وهذا التميز بكون مينى لا تعمل إلا فى هذا النطاق فقط زاد من قيمة ما تنتج وجعل سياراتها أشبه بقطع فنية خارج حدود المنافسة ، وساعدها على التفوق على كافة المنافسين بسهولة ، إلا أن رحلة البحث الغير نهائية عن النجاح والرغبة فى التوسع دفعت مينى إلى ابتكار المزيد من الفئات ذات الروح الكلاسيكية ولكن بنكهة جديدة تزيد من سيارات مينى إثارة .
كونترى مان
تأتى سيارة مينى كونترى مان كنسخة كروس اوفر من سيارة كوبر الشهيرة والتى حملت شعار مينى إلى القمة ، وبنفس التصميم الكلاسيكى والروح الجذابة استكملت كونترى مان طريقها إلى قلوب محبى السيارات فى محاولة لإضافة المزيد من وسائل الاستمتاع إلى تجربة كوبر القيادية الفريدة .
ففى المجمل جاءت السيارة بتصميم يكاد يطابق تصميم نسخة كوبر الصغيرة مع زيادة حجم كل شئ لتزيد أبعاد السيارة داخلياً وخارجياً كى تناسب الفئة التى ستنافس فيها ، فضلاً عن توفيرها للمزيد من الرحابة والعملية داخل المقصورة ، ففى المقدمة جاء التصميم الكلاسيكى الرائع لسيارات مينى بالمصابيح شبة الدائرية ذات العدسة كبيرة الحجم والتى يحيطها فتحات كريستالية صغيرة تضيف المزيد من الأناقة إلى المصابيح ، وبين المصابيح تأتى علامة مينى كبيرة الحجم ومن تحتها شبكة التهوية الرئيسية ذات الفتحات الكبيرة تعبيراً عن شخصية السيارة المغامرة إضافة إلى فتحة التهوية السفلية المزودة أيضاً بفتحات جانبية كبيرة الحجم .
ومن جانبى المصابيح حيث أقواس العجلات الكبيرة المحاطة بغطاء من اللون الأسود البارز إلى الخارج إشارة إلى قدرات السيارة رباعية الدفع ، تستكمل كونترى مان خطوطها مروراً بإشارة الانعطاف الجانبية كبيرة الحجم والمرايا المميزة لمينى إضافة إلى خط السقف المستقيم المتوفر بلون السيارة أو بلون مختلف حسب التجهيز ليضيف مزيد من المظهر الرياضى العام لكونترى مان .
والى المؤخرة حيث التعديلات الأقل حدة بطلاء المصابيح كاملة باللون الأحمر مع إبرازها إلى الخارج قليلاً وزيادة حجمها ، وفى المنتصف يأتى الجناح العلوى الجديد وأسفله باب صندوق الأمتعة الضخم مع شعار مينى الذى يزيد من المحاولات المستميتة من مينى لإيصال فكرة كبر حجم السيارة عن المعتاد وهى فكرة لا تحتاج إلى تأكيد فى الواقع ، وأخيرا الصادم الخلفى وفتحات العادم على جانبى السيارة المطلية بالكروم .
فعلى الرغم من صعوبة مهمة مينى فى تحويل تلك الصغيرة المرحة إلى سيارة كروس اوفر تعشق المغامرة ، إلا أن الشركة قد وضعت ما يكفى من الجهد للوصول إلى نتائج جيدة جعلت من كونترى مان سيارة جديدة بروح وشخصية مختلفة دون أن تفقد انتمائها الأصلى وخلطة النجاح .
المقصورة والتجهيزات
تأتى مقصورة كونترى مان لتكمل الهوية الجديدة لتلك السيارة ، فكونها سيارة مشتقة فى الأصل من لاعبة مينى الأساسية كوبر يجعلها فى حاجة دائما للحصول على أهم عوامل النجاح قد تسهل مهمتها فى الوصول إلى نجاحها الخاص ككروس اوفر جديدة .
وهو ما جعل كونترى مان تحصل على لغة التصميم الداخلية لمينى لتعيد تحجيمها بما يتناسب مع السيارة الفاخرة الجديدة ، حيث تم تحسين بعض الخامات الداخلية وتعديل بعض نقاط التصميم إضافة إلى استعارة بعض اللمسات التجريبية من النسخة التى عرضت قبل النسخة التجارية النهائية .
فقد جاءت كونترى مان بعداد وسطى كبير الحجم يتوسطه شاشه بيانات تتصل بالنظام الصوتى والمعلوماتى ومزودة بنظام ملاحة ، والى جانب العداد الوسطى تأتى أدوات التحكم الأنيقة لمينى فى الكونسول الوسطى إضافة إلى تطعيمات الكروم وكسوة الجلد التى غطت معظم أجزاء المقصورة ، وفتحات التهوية الجديدة وكذلك خيارات الألوان المتعددة التى حولت مقصورة كونترى مان إلى عالم ملئ بالمرح فى حد ذاته بعيداً عن متعة القيادة والمغامرة التى تقدمها السيارة .
المحركات والأداء
كونها سيارة خلقت للمغامرة والوصول بقدرات مينى إلى مستوى جديد خارج الطرقات الممهدة ، حصلت مينى كونترى مان على باقة متميزة من المحركات يمكنها توفير كافة متطلبات عملاء تلك الفئة .
فبداية من الطرازات الاقتصادية مينى ون كونترى مان ومينى كوبر كونترى مان ، تزود السيارة بمحرك سعة 1.6 لتر يعمل على توليد 122 حصان و 160 نيوتن / المتر من العزم ليدفع بكونترى مان إلى سرعة 100 كم فى الساعة خلال 10.5 ثانية ( 11.6 للناقل الأوتوماتيكى ) إضافة إلى قدرته على الوصول إلى سرعة قصوى 190 كم فى الساعة ، وبفضل الأنظمة المتطورة التى زود بها المحرك يمكن لكونترى مان أن تحقق معدل استهلاك متوسط يقدر بـ 6 لترات لكل 100 كم وهو رقم رائع لسيارة بهذا الحجم والأداء .
أما طراز ون كونترى مان فهو يعمل بنسخة أخرى من المحرك اقل أداء بقوة 98 حصان و 153 نيوتن / المتر ، ليصل بكونترى مان إلى سرعة 100 كم فى الساعة خلال 11.9 ثانية ( 13.9 للناقل الأوتوماتيكى ) مع سرعة قصوى تصل إلى 173 كم فى الساعة .
والى جانب تلك الطرازات يأتى الطراز الرياضى كوبر S كونترى مان ، وهو يعمل بمحرك سعة 1.6 لتر مزود بشاحن هواء ( تربو تشارجر ) ليحقق المعادلة بين أفضل استهلاك للوقود وأقصى خرج للقوة مما يسمح للسيارة بالمنافسة حول العالم بسلاسة بالإضافة إلى تخطى القيود البيئية الأوروبية الصارمة .
ويولد محرك هذا الطراز قوة تصل إلى 184 حصان وعزم 240 نيوتن / المتر ، إضافة إلى تزويدها بخاصية " Overboost " التى تسمح للسائق برفع قدرة المحرك ليصل العزم إلى 290 نيوتن / المتر فى حالات القيادة الرياضية والتخطى ، وبفضل هذا المحرك الرياضى يمكن لكونترى مان S أن تنطلق من الثبات وحتى سرعة 100 كم فى الساعة خلال 7.6 ثانية ( 7.9 للناقل الأوتوماتيكى ) مع قدرتها على الوصول لسرعة قصوى 215 كم فى الساعة .
وبفضل تزويد المحرك بنظام شحن الهواء الجبرى تمكنت مينى من رفع قدرة المحرك بشكل ملحوظ مع إبقاء معدل استهلاك الوقود عند 6.1 لتر لكل 100 كم .
أما طراز المهام الصعبة المزود بنظام الدفع الرباعى ، فهو يعمل بنفس المحرك بقوة 184 حصان ، إلا أن أرقام الأداء تختلف فيه ليتسارع هذا الطراز إلى سرعة 100 كم فى الساعة خلال 7.9 ثانية ( 8.3 للناقل الأوتوماتيكى ) مع تراجع السرعة القصوى لتصبح 210 كم فى الساعة ، وارتفاع معدل استهلاك الوقود ليصل إلى 6.7 لتر ( 7.7 للناقل الأوتوماتيكى ) لكل 100 كم .
وتتصل كافة المحركات فى مينى كونترى مان بخيارات من نواقل الحركة ، إما يدوى من ست سرعات يناسب بشكل كبير أسلوب القيادة الرياضى المغامر ، أو أوتوماتيكى من ست سرعات أيضا لمحبى الاستمتاع بنقل الحركة من بدالات السرعة خلف المقود بدلاً من تجربة القيادة التقليدية بالناقل اليدوى .
ولكى تضمن مينى بقاء كونترى مان بنفس الأداء المتميز والمرونة الفائقة فى المنعطفات ، فقد تم تصميم قاعدة بناء السيارة وجسدها ليضمن بقاء مركز الثقل منخفض قدر المستطاع ، إضافة إلى تصميم نظام تعليق رياضى متطور يمكنه التعامل مع القيادة الحادة إضافة إلى قدرته على تخطى العوائق وعزل المقصورة عن الأسطح الوعرة .
والى جانب نظام التعليق يأتى نظام الدفع الرباعى ALL4 ليضمن بقاء السيارة فى مسارها الصحيح وإيصال قدرة المحرك إلى الطريق بأفضل طريقة ممكنة ، ففى حالات القيادة العادية ترسل القوة بالتساوى بين المحورين الأمامى والخلفى ، أما فى حالات القيادة الاستثنائية كالسير على الجليد أو الأسطح الوعرة ، فلدى كونترى مان القدرة على إرسال كامل قوتها إلى احد المحاور .
التقنيات والأمان
كى تبقى كونترى مان بنفس مستوى شقيقاتها فى جانب متعة القيادة والتقدم التقنى ، حصلت السيارة على العديد من التجهيزات والابتكارات لتتمكن من خلالها من إحداث فارق ملحوظ فى فئتها ، حيث زودت بأنظمة إعادة تدوير الطاقة من المكابح ، وهو نظام يمتص الطاقة الناتجة عن احتكاك المكابح ويحولها إلى طاقة كهربائية تعمل على شحن البطاريات لتخفف عن المحرك تلك المهمة وتحسن من استهلاك الوقود .
أيضا زودت المحركات المتصلة بنواقل الحركة اليدوية بنظام Start/Stop الذى يعمل على إيقاف تشغيل المحركات بمجرد توقف السيارة ووضع ناقل الحركة على وضع الحياد توفيراً للوقود ، مع إعادة تشغيل المحرك بمجرد الضغط على بدال فصل الحركة من جديد ، وهى خاصية يمكن إلغائها كلياً بضغطة زر .
أما على جانب أنظمة الثبات والتحكم ، فقد زودت السيارة بنظام EPS للتحكم فى مدى الدعم المرسل إلى عجلة القيادة حسب السرعة ، ونظام DSC للثبات الالكترونى ، ونظام DTC للتحكم فى السحب وفى نظام الدفع الرباعى لتحقيق أقصى استفادة من قوة المحرك .
